الدرس الثاني: التعلم الآلي وكيفية تطبيقه في البرامج والتطبيقات
في الدرس الأول، قمنا بمناقشة الأساسيات حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة. أما في الدرس الثاني، سنغوص أعمق في أحد أهم فروع الذكاء الاصطناعي، وهو التعلم الآلي (Machine Learning). سنشرح بشكل مبسط كيف يعمل التعلم الآلي، ونستعرض بعض التطبيقات العملية له، وكيف يمكنك استخدامه في البرامج والتطبيقات المختلفة.
ما هو التعلم الآلي؟
التعلم الآلي هو مجال من مجالات الذكاء الاصطناعي يتيح للأنظمة تعلم الأنماط من البيانات واتخاذ قرارات أو توقعات دون الحاجة إلى أن تتم برمجتها بشكل صريح لكل مهمة. بمعنى آخر، يُعتمد على البيانات لاستخلاص المعلومات والأنماط منها، مما يسمح للتطبيقات بتحسين أدائها تلقائيًا بمرور الوقت.
على سبيل المثال، عندما تستخدم نظامًا لتوصيات الأفلام، فإنه يتعلم من أفلامك المفضلة والتقييمات التي تعطيها ليقدم لك توصيات مخصصة.
كيف يعمل التعلم الآلي؟
يبدأ التعلم الآلي عادةً بتوفير مجموعة بيانات كبيرة تحتوي على معلومات محددة. يتم استخدام هذه البيانات لتدريب النموذج (model)، الذي يقوم بتعلم الأنماط من هذه البيانات. هناك ثلاث خطوات رئيسية في عملية التعلم الآلي:
- جمع البيانات: تحتاج إلى بيانات كبيرة ومتنوعة لكي يقوم النموذج بالتعلم منها. قد تكون هذه البيانات نصوص، صور، فيديوهات، أو أرقام.
- اختيار النموذج: هناك العديد من الخوارزميات التي يمكنك استخدامها لتدريب النموذج. هذه الخوارزميات تختلف بناءً على نوع المشكلة التي تحاول حلها، سواء كانت تصنيف (مثل تصنيف الصور)، تنبؤات (مثل التنبؤ بأسعار الأسهم)، أو تجزئة (مثل تقسيم المستخدمين إلى مجموعات بناءً على سلوكهم).
- تدريب النموذج: في هذه المرحلة، يتم تغذية النموذج بالبيانات ليبدأ في تعلم الأنماط. يتعلم النموذج من الأخطاء التي يرتكبها أثناء التدريب ويحسن نفسه تدريجيًا. بعد التدريب، يصبح النموذج قادرًا على تقديم تنبؤات أو تصنيفات جديدة بناءً على البيانات التي لم يرها من قبل.
أنواع التعلم الآلي
هناك عدة أنواع رئيسية من التعلم الآلي، وتختلف بناءً على الطريقة التي يتم بها تعلم النموذج واستخدام البيانات:
1. التعلم الموجّه (Supervised Learning)
في التعلم الموجّه، يتم تدريب النموذج باستخدام بيانات تحتوي على الإجابات الصحيحة أو التسميات (labels). يتم إعطاء النموذج أمثلة تحتوي على المدخلات والمخرجات، ومن ثم يحاول النموذج تعلم العلاقة بينهما.
على سبيل المثال، إذا كنت تريد تدريب نموذج للتعرف على القطط في الصور، ستقوم بتوفير مجموعة كبيرة من الصور مع تسميات توضح ما إذا كانت الصورة تحتوي على قطة أم لا. النموذج يتعلم من هذه البيانات كيف يميز القطط بناءً على الأنماط المرئية.
2. التعلم غير الموجّه (Unsupervised Learning)
في التعلم غير الموجّه، لا تحتوي البيانات على تسميات أو إجابات صحيحة. يقوم النموذج بمحاولة التعرف على الأنماط والعلاقات المخفية داخل البيانات. يستخدم هذا النوع من التعلم في مهام مثل التجزئة (Clustering) وتقليل الأبعاد (Dimensionality Reduction).
على سبيل المثال، إذا كنت تمتلك مجموعة بيانات تحتوي على معلومات عن العملاء، يمكن أن يساعدك التعلم غير الموجّه على تقسيم العملاء إلى مجموعات بناءً على سلوكهم أو اهتماماتهم دون معرفة مسبقة عن تلك المجموعات.
3. التعلم التعزيزي (Reinforcement Learning)
التعلم التعزيزي هو نوع من التعلم يعتمد على مفهوم المكافآت والعقوبات. بدلاً من إعطاء البيانات كاملة للنموذج، يتعلم النموذج من خلال التجربة والخطأ. يحصل النموذج على مكافأة عندما يتخذ قرارًا صحيحًا وعقوبة عند ارتكاب خطأ. الهدف هو تحسين النموذج لجعل القرارات أفضل مع مرور الوقت.
يتم استخدام التعلم التعزيزي في مجالات مثل الألعاب والروبوتات. على سبيل المثال، إذا كنت تبني روبوتًا للعب الشطرنج، فإن النموذج سيتعلم من خلال لعب الكثير من المباريات وتحسين استراتيجيته مع كل لعبة.
تطبيقات عملية للتعلم الآلي
أصبح التعلم الآلي جزءًا لا يتجزأ من العديد من التطبيقات والخدمات اليومية. فيما يلي بعض الأمثلة الشائعة على كيفية تطبيق التعلم الآلي في الحياة اليومية:
1. توصيات المحتوى
تستخدم العديد من منصات المحتوى مثل YouTube وNetflix خوارزميات التعلم الآلي لتقديم توصيات مخصصة للمستخدمين بناءً على سلوكهم السابق. يحلل النظام بيانات المستخدمين، مثل ما يشاهدونه وما يقومون بتقييمه، لتحديد الأنماط التي تشير إلى اهتماماتهم.
2. التصنيف والتعرف على الصور
تستخدم تطبيقات التعرف على الصور الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور وفهم محتوياتها. يمكن لهذه البرامج تصنيف الصور استنادًا إلى العناصر التي تظهر فيها. على سبيل المثال، تستخدم Google Photos خوارزميات التعلم الآلي لتصنيف الصور حسب المحتويات مثل الأشخاص، الحيوانات، أو المناظر الطبيعية.
3. معالجة اللغة الطبيعية (NLP)
في مجال معالجة اللغة الطبيعية، يستخدم التعلم الآلي لفهم وتوليد اللغة البشرية. تشمل التطبيقات التي تعتمد على هذه التقنية برامج مثل Google Translate وChatbots الذكية. هذه البرامج تقوم بفهم النصوص وتحليلها ثم توليد استجابات بناءً على البيانات المدخلة.
4. التنبؤات المالية
يستخدم التعلم الآلي أيضًا في المجال المالي للتنبؤ بأسعار الأسهم أو اتجاهات السوق. يقوم النموذج بتحليل البيانات التاريخية والأسواق المالية ليحدد الأنماط التي يمكن أن تساعد في توقع الحركات المستقبلية في السوق.
كيف تبدأ في التعلم الآلي؟
إذا كنت مبتدئًا وترغب في تعلم كيفية استخدام التعلم الآلي في تطبيقاتك وبرامجك، فإليك الخطوات الأساسية التي يمكنك اتباعها:
1. تعلم الأساسيات
قبل الغوص في البرمجة الفعلية، من المهم أن تفهم المفاهيم الأساسية للتعلم الآلي. يمكنك البدء من خلال قراءة الكتب أو متابعة الدورات التدريبية على منصات مثل Coursera أو Udemy.
2. اختيار لغة برمجة
الخطوة التالية هي اختيار لغة برمجة تدعم التعلم الآلي. اللغة الأكثر شيوعًا في هذا المجال هي Python بفضل مكتباتها القوية مثل TensorFlow وscikit-learn وKeras.
3. تحليل البيانات
تعلم كيفية تحليل البيانات هو جزء حاسم في التعلم الآلي. يمكنك استخدام أدوات مثل Pandas وNumPy للتعامل مع البيانات وتجهيزها قبل استخدامها في نماذج التعلم الآلي.
4. التدريب على المشاريع
لتطبيق ما تعلمته، من المهم أن تقوم بالعمل على مشاريع عملية. قد تكون هذه المشاريع بسيطة في البداية مثل تصنيف الأرقام المكتوبة بخط اليد، ولكن مع تقدمك يمكنك العمل على مشاريع أكثر تعقيدًا مثل تحليل الصور أو التنبؤ بالأسعار.
5. تحسين النماذج
بمجرد أن تبدأ في تدريب النماذج، ستحتاج إلى تحسين أدائها. يشمل ذلك اختبار النماذج باستخدام بيانات جديدة، وتعديل المعلمات المختلفة للحصول على أفضل النتائج الممكنة.
الأدوات المستخدمة في التعلم الآلي
هناك العديد من الأدوات التي يمكنك استخدامها لبدء تطبيقات التعلم الآلي. هنا بعض الأدوات الشائعة التي يستخدمها المطورون:
1. TensorFlow
TensorFlow هو إطار عمل مفتوح المصدر من Google يستخدم لتطوير وتنفيذ نماذج التعلم العميق. يتيح لك TensorFlow بناء شبكات عصبية عميقة يمكنها التعرف على الأنماط في البيانات الضخمة.
2. scikit-learn
scikit-learn هو مكتبة Python شهيرة توفر خوارزميات تعلم الآلي مثل الانحدار اللوجستي، الدعم التوجهي (SVM)، وتحليل البيانات الكلاسيكية. يُستخدم scikit-learn في مشاريع التعلم الآلي التقليدية التي لا تتطلب شبكات عصبية عميقة.
3. Keras
Keras هو واجهة برمجة تطبيقات تعتمد على TensorFlow وهو سهل الاستخدام وسريع. يتيح لك Keras بناء وتدريب النماذج المعقدة بسرعة.
الخاتمة
في هذا الدرس، تعلمنا عن التعلم الآلي وكيف يعمل، بالإضافة إلى استعراض بعض التطبيقات العملية له. إذا كنت ترغب في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مشاريعك، فإن التعلم الآلي هو إحدى الأدوات الأساسية التي يجب أن تتقنها.